{هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ (2)}قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ} قال ابن عباس: الأميون العرب كلهم، من كتب منهم ومن لم يكتب، لأنهم لم يكونوا أهل كتاب.وقيل: الأميون الذين لا يكتبون. وكذلك كانت قريش.وروى منصور عن إبراهيم قال: الأمي الذي يقرأ ولا يكتب. وقد مضى في البقرة. {رَسُولًا مِنْهُمْ} يعني محمدا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وما من حي من العرب إلا ولرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيهم قرابة وقد ولدوه. قال ابن إسحاق: إلا حي تغلب، فإن الله تعالى طهر نبيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ منهم لنصرانيتهم فلم يجعل لهم عليه ولادة. وكان أميا لم يقرأ من كتاب ولم يتعلم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قال الماوردي: فإن قيل ما وجه الامتنان فإن بعث نبيا أميا؟ فالجواب عنه من ثلاثة أوجه: أحدها: لموافقته ما تقدمت به بشارة الأنبياء.الثاني: لمشاكلة حال لأحوالهم، فيكون أقرب إلى موافقتهم.الثالث: لينتفي عنه سوء الظن في تعليمه ما دعى إليه من الكتب التي قرأها والحكم التي تلاها. قلت: وهذا كله دليل معجزته وصدق نبوته. قوله تعالى: {يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ} يعني القرآن {وَيُزَكِّيهِمْ} أي يجعلهم أزكياء القلوب بالايمان، قاله ابن عباس.وقيل: يطهرهم من دنس الكفر والذنوب، قاله ابن جريج ومقاتل.وقال السدي: يأخذ زكاة أموالهم {وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ} يعني القرآن {وَالْحِكْمَةَ} السنة، قاله الحسن.وقال ابن عباس: الْكِتابَ الخط بالقلم، لان الخط فشا في العرب بالشرع لما أمروا بتقييده بالخط.وقال مالك بن أنس: الْحِكْمَةَ الفقه في الدين. وقد مضى القول في هذا في البقرة. {وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ} أي من قبله وقبل أن يرسل إليهم. {لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ} أي في ذهاب عن الحق.